الأمير عباس حلمى حفيد الخديو عباس وابن الوصى على عرش مصر (١-٢): الأسرة العلوية تريد أن يسود نظام ديموقراطى.. وترفض التدخل فى السياسة
حوار أسامة خالد 14/ 4/ 2010
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=251082&IssueID=1740
«الأمير العصامى».. ربما يكون هذا هو أكثر الألقاب مناسبة للأمير عباس حلمى، حفيد الخديو عباس الثانى، وابن الأمير محمد عبدالمنعم، الوصى على عرش مصر بعد قيام الثورة، خرج الأمير الشاب من مصر مفلساً تقريباً، بعد أن ألغت الثورة الملكية وصادرت أموال والده، لكنه الآن واحد من أباطرة البورصة المصرية.
عاش الأمير عباس وعائلته فترات درامية عصيبة شأنه فى ذلك شأن معظم أفراد العائلة المالكة السابقة، وكان من أوائل العائدين إلى مصر فور أن سمح السادات للأسرة المالكة بالعودة، يفتح الأميرعباس حلمى خزانة أسراره لـ«المصرى اليوم»، ويحكى المسكوت عنه بداية من الصراع على عرش فاروق، وعلاقته بمحمد نجيب، أول رئيس لمصر بعد الثورة، وقضية الأسلحة الفاسدة، والخلاف على ولاية عهد الملك أحمد فؤاد، وسواها من ملفات الأسرة المالكة التى لا يعرف الهدوء طريقاً إليها، رغم دخولها فى ذمة التاريخ منذ ما يزيد على نصف قرن.
■ البعض يحمل الملك فاروق مسؤولية انهيار حكم الأسرة.. هل تتفق مع ذلك؟
- أخيراً عرف الناس بعد المسلسل الأخير عن الملك فاروق أنه لم يكن ذلك البعبع الذى صُور لهم، لكنه أخطأ فى بعض الأشياء، والمشكلة أن النظام فى وقته كان ضعيفاً ولم يحسن التصرف.
■ ما هى أهم أخطائه؟
- كانت له أخطاء بالطبع، وإذا رأيت الأسرة من الداخل فستجد أنه كانت هناك معارضة له ولتصرفاته، فمثلا الأمير يوسف كمال كان من الأعضاء المهمين والمؤثرين جداً فى الأسرة، وكان أغنى أفرادها، أصدر مع عباس حليم وعمر طوسون بياناً هاجموا فيه الملك.
■ هل شملت هذه الخلافات صراعاً حول من الأحق بالحكم داخل العائلة؟
- نعم، وكل نظام له مميزاته وعيوبه، الصراع بين أجنحة العائلة أحد أهم عيوب النظام الملكى، حيث يرى كل فريق أو طرف أنه الأحق بالحكم من الملك الفعلى.
■ كان هذا الصراع الحاد موجوداً داخل الأسرة العلوية؟
- كان الملك فاروق حينها ضائعاً، ويذهب إلى الكباريهات، فخرج من يقول «أنا أحسن منه» وبينهم عباس حليم، والأمير عمر طوسون، ومحمد على توفيق، وآخرون.
■ هل يستحق الملك فاروق بأخطائه هذا المصير من طرد وعزل؟
- دعنا نعد للمبادئ الأساسية، التى وضعتها العائلة فى الحكم، عندما أسس الخديو إسماعيل أول برلمان مصرى كان يريد أن نكون دولة متحضرة ومختلفة، وهذا أزعج الإنجليز جداً لذا ضغطوا بعد ذلك لإغلاقه، وعندما أعاد جدى الخديو عباس افتتاح البرلمان مرة أخرى كان فرحاً جداً، والشعب المصرى عندما خرج أيام الخديو توفيق متظاهراً كان ينادى بالدستور، والأسرة كلها كانت تريد حكماً ملكياً دستورياً، وعندما نفكر فى الملك فاروق لابد أن نرجع لهذه المبادئ.
■ هل تعنى أن الملك فاروق تخلى عنها؟
- نعم تخلى عنها، هو كان قائداً بسيطاً، وآخر أخطائه كان تدخله فى انتخابات نادى الضباط قبل الثورة.
■ هل قابلت الرئيس محمد نجيب بعد الثورة؟
- نعم، جاءنا أولاً عندما كان والدى وصياً على العرش، وأنا وقتها كنت طفلاً صغيراً، ولما توفى والدى جاءنا معزياً وشارك فى الجنازة، وبعد ذلك رددت له الزيارة بعد عزله خلال وجوده تحت الإقامة الجبرية.
■ هل سمحوا لك بزيارته بسهولة؟
- دخلت بكل سهولة رغم وجود حراسة كبيرة جداً عليه، هو كان فى منزل زينب هانم الوكيل فى المرج، وكان يعيش فى غرفة «المكوجى» أعلى السطوح مع ابنه يوسف وحالتهما كانت صعبة جداً.
■ ما طبيعة الحوار الذى دار بينكما؟
- الحوار كان ظريفاً جداً، والظاهر أنه كان أحب والدى بشدة، ولمست هذا من كلامه، وهو لم يكن يعرفه قبل أن يصبح وصياً على العرش، لكنه تعرف به بعد ذلك وكان يتقابلان كثيراً، وأذكر أنه قال لى إن والدى كان رجلاً طيباً وأحبه جداً، وأكد لى نجيب أنه لم يكن راضياً عما حدث من بعده.
■ ماذا كان يقصد؟ رفع الوصاية عن الملك أم مصادرة أموال أسرتك أم ماذا؟
- لم يكن راضياً عن الحكم العسكرى، الذى جاء من بعده، وأكد لى أنه لم يكن يخطط لذلك، وقال إن «الجماعة» ضحكوا عليه.
■ لماذا لم يكتب والدك مذكراته عن فترة الوصاية على العرش، وهل كانت عصيبة أم هادئة؟
- لا، هو لم يكتب عنها ولم يرد أن يكتب.
■ ألم يحك لك عن تلك الفترة وانطباعاته عن الثوار الجدد؟
- فى تلك الفترة كان يذهب الى قصر عابدين كل يوم، وكان يرى أنه «عمل الواجب»، وأعتقد أنه كان يشعر بضرورة الحفاظ على العرش والنظام، لكنه فشل فى ذلك.
■ كيف استقبل قرار إلغاء الملكية والوصاية وإعلان الجمهورية؟
- كان حزيناً جداً بالطبع.
■ بعد ذلك بفترة صودرت أملاككم.. هل حكى لك؟ وهل تذكر أنت تفاصيل تلك الأيام خاصة أن والدك كان فى صدارة العائلة المالكة فى ذلك الوقت؟
- لم يكن فى منصب رفيع طوال الوقت، هو كان ولى العهد أيام والده الخديو عباس، وبعد ذلك خرج إلى المنفى لفترة طويلة ثم استطاع العودة بصعوبة ولم يكن وضعه سهلا، وأصبح وصياً على العرش فى وقت صعب جداً، استمر ٩ أشهر فقط.
■ كان والدك بذرة الأمل الاخيرة للاحتفاظ بعرش الأسرة العلوية.. هل كان يتلقى مساندة من الأسرة وقتها؟
- معظم أفراد الأسرة كانوا يساندونه ولم يكن هناك أحد ضده.
■ عندما صدر قرار إلغاء الوصاية والملكية هل حاول إجراء أى مفاوضات مع الثوار؟
- لم يكن يستطيع أن يقف أمامهم وكان الوحيد الذى يمكنه أن يفعل شيئاً هو محمد نجيب وأنت تعرف وضعه جيداً، والمشكلة أن أبى أيضا كان بعيدا عن الحكم قبل أن يأتى؛ لذا لم يكن مسيساً بما فيه الكفاية، ونحن بصفة عامة عائلة تريد أن يسود نظام دستورى وديمقراطى، وكنا نرفض التدخل فى السياسة.
■ وهذا مالم يلتزم به الملك فاروق وكانت بداية خطاياه ونهايته؟
- نعم هذا ماحدث.. أظن أنها بداية خطاياه وهو تعامل مع الأمور بشكل إنسانى وكان متضايقاً مما يحدث فتدخل وكان يجب عليه ألا يتدخل ويتورط فيما لا يعنيه.
■ هل كان فاسداً؟
- لا.. لا أظن ولا أعتقد أنه كان فاسداً.
■ لكنه تورط ايضا فى شراء أسلحة فاسدة وكانت هناك عمولات ورشاوى؟
- لا ليس هو، ما أعرفه وأنا لست خبيراً أنهم دخلوا حرب ١٩٤٨ وهم غير جاهزين وحاول الكثيرون أن يمدوا يد المساعدة، ومنهم عباس حليم وآخرون شكلوا لجنة وتبرعوا من أموالهم الشخصية لشراء الأسلحة، وكان تسليح الجيش المصرى كله وقتها إنجليزياً، لكن خبرتهم القليلة دفعتهم لشراء أسلحة قديمة والجيش لم يكن مدربا عليها، هم لم يشتروا أسلحة فاسدة لكنهم ربما اشتروا فعلا أسلحة قديمة، وكانت المشكلة أن قرار الحرب تم اتخاذه ولا توجد أسلحة أو ذخيرة لدى الجيش..المشكلة كانت فى القرار نفسه، والملك فاروق لم يكن له دور فى حرب ١٩٤٨ ولم يكن هو صاحب القرار بل رئيس الوزراء.
■ إذا لخصنا الملك فاروق فى كلمة ظالم أو مظلوم ماذا تختار؟
- لم يكن ظالماً، هو لم يرسل أبرياء إلى السجون ولم يكن حتى يستطيع ذلك، هل تعلم أن الملك فاروق عندما اشترى سيارة رسمية جديدة ورفض البرلمان تمويلها، دفع ثمنها هو.
■ بعدما خرج من مصر هل كان هناك من يسأل عليه ويكلمه من الأسرة؟
- أنا رأيته وتقابلت معه لكن مشكلته أنه كان دائماً بعيداً عن الاسرة ويتعمد الابتعاد، وفى المنفى أيضاً كان بعيداً عن الاسرة، لكنه كان يقابل من يأتى إليه.
■ الكثيرون قالوا إنه كان مكروهاً من الأسرة؟
- لا أستطيع أن أقول ذلك.. بشكل واضح أعتقد أن الأمور لم تصل إلى الكراهية لكن كانت هناك معارضة عائلية شديدة له، وهو كان يقابل هذه المعارضة بجفاء وكان لا يكلمهم، وأعطيك مثالاً، فالأمير محمد على توفيق ولى عهده ورئيس البلاط الملكى كان عمه وأكبر العائلة سنا، وكنت أسمع أن الملك فاروق كان يشعر بالضيق عندما تكون هناك مناسبة ويجلس بجواره الأمير محمد على؛ لأنه كان كثيراً ما يؤنبه على تصرفات كان يقوم بها، مثل مجالسة شلة بعضهم كانت سمعته سيئة، وكان الأمير محمد على توفيق يأتى إليه ويحذره.
■ لماذا ابتعد الملك فاروق عن الأسرة هل لمعارضتها له أم خوفا منهم؟
- أكيد كان غاضبا بسبب معارضتها له، وكان خائفا أيضا من أن يكون أحدهم طامعا فى الحكم.
■ وماذا عن ابنه الملك أحمد فؤاد هل قاطع اسرته هو أيضا؟
- للأسف أنا لا أعرفه جيداً.. قابلته أكثر من مرة، لكن لا يمكننى أن أحكم عليه، أسمع أخباره من بعيد لبعيد ولا أعرف تفاصيل حياته جيداً.
■ رغم حالة البعد تلك التى يفرضها الملك أحمد فؤاد حسبما تقول إلا أنك وعددا من أفراد الأسرة اعترضتم على زيجته من الأميرة السابقة فضيلة؟
- لا أعرف تفاصيل كثيرة لكن ما حدث أننا فعلا اعترضنا على هذه الزيجة وكان سبب ذلك أن الأسرة لها قواعد ونظم، كان عندنا البلاط الملكى هو الذى يحكم ويسيطر على القواعد العائلية، والملك فاروق نفسه حذف من العائلة والدته وأخته وكان ذلك بالتأكيد صعباً جداً بالنسبة له، هذا البلاط الملكى له قواعد صارمة للغاية لا يمكن أن يتخطاها أى فرد.
ومن ضمن تلك القواعد أنه لا يجوز لأى فرد من الأسرة أن يتزوج سيدة لم تولد مسلمة، ربما تكون هذه القواعد شديدة بعض الشىء وهى أعنف من الشريعة الإسلامية، ولكن قواعد البروتوكول العائلى تنص على ذلك وسبق أن خرج من الأسرة أفراد لهذا السبب، وعندما يأتى أحمد فؤاد ليخالف قواعد البروتوكول فهذا لا يجوز عندنا فى العائلة، وإذا قلنا إننا فى المنفى وهذه القواعد لا تطبق إذن هو حر، لكن بشرط ألا يجبرنا أن نتعامل معها على أنها الملكة.. هذا لا يجوز وهو أضر نفسه، وأنا لم أرَ هذه السيدة من قبل ولم أسع لرؤيتها.
■ هل كان يجب أن تطبق قواعد البلاط الملكى على الملك أحمد فؤاد ويطرد من العائلة؟
- لا أبدا لأنه لم يعد هناك بلاط، ونحن نتكلم عن نظام لم يعد موجوداً حاليا، ولكن من المفترض أن يكون أساس تعاملاتنا.
■ ألم يحاول أى من أفراد العائلة أن ينصحه؟
- أنا لم أفعل، لكن اعتقد أن بعض أفراد الأسرة كلموه وحاولوا معه.
■ تردد مؤخرا أن هناك ضغوطا عائلية لتغيير محمد على ابن الملك أحمد فؤاد من ولاية العهد بسبب ما يتردد عن عودة والدته لديانتها اليهودية؟
- لا أعلم أى شىء.. أنا ساكن هنا فى القاهرة.
■ لكن هل هناك نية داخل الاسرة لتغيير ولاية العهد اذا صح ذلك ؟
- أرى ان الموضوع من أوله لم يكن مضبوطاً، وكان هناك خطأ من البداية، أنا لا أستطيع أن أتكلم عن آخرين، ولا أعرف هؤلاء الناس، ولكن إذا ابتعدنا عن الأسماء فإن هذا لا يجوز ولا يصح، وعلى العموم نرجع للبلاط ونحتكم إلى قواعده.
■ دعنا نكن واقعيين هناك مطالبات بالفعل داخل الأسرة لتغيير ولاية العهد من محمد على ابن أحمد فؤاد؟
- فعلا فلنكن واقعيين، هل هناك نظام ملكى الآن؟ ولاية عهد لمن؟
■ ولكنكم كأسرة مازلتم متمسكين بمبادئ العائلة، ورشحتم أربعة لخلافة محمد على فى ولاية العهد منهم داوود ابنك؟
- المهم أننا فى وضع مختلف تماماً الآن، فلا وجود للحكم ولا وجود للبلاط.
■ هل تعتقد أن الملك فاروق ظلم أسرته بابتعاده وإبعاد أبنائه عنهم؟
- لم يظلم أسرته، لكنه خسر الكثير بابتعاده عنهم خاصة أنه كان من بينهم من يمكن أن يتعلم منهم.
حوار أسامة خالد 14/ 4/ 2010
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=251082&IssueID=1740
«الأمير العصامى».. ربما يكون هذا هو أكثر الألقاب مناسبة للأمير عباس حلمى، حفيد الخديو عباس الثانى، وابن الأمير محمد عبدالمنعم، الوصى على عرش مصر بعد قيام الثورة، خرج الأمير الشاب من مصر مفلساً تقريباً، بعد أن ألغت الثورة الملكية وصادرت أموال والده، لكنه الآن واحد من أباطرة البورصة المصرية.
عاش الأمير عباس وعائلته فترات درامية عصيبة شأنه فى ذلك شأن معظم أفراد العائلة المالكة السابقة، وكان من أوائل العائدين إلى مصر فور أن سمح السادات للأسرة المالكة بالعودة، يفتح الأميرعباس حلمى خزانة أسراره لـ«المصرى اليوم»، ويحكى المسكوت عنه بداية من الصراع على عرش فاروق، وعلاقته بمحمد نجيب، أول رئيس لمصر بعد الثورة، وقضية الأسلحة الفاسدة، والخلاف على ولاية عهد الملك أحمد فؤاد، وسواها من ملفات الأسرة المالكة التى لا يعرف الهدوء طريقاً إليها، رغم دخولها فى ذمة التاريخ منذ ما يزيد على نصف قرن.
■ البعض يحمل الملك فاروق مسؤولية انهيار حكم الأسرة.. هل تتفق مع ذلك؟
- أخيراً عرف الناس بعد المسلسل الأخير عن الملك فاروق أنه لم يكن ذلك البعبع الذى صُور لهم، لكنه أخطأ فى بعض الأشياء، والمشكلة أن النظام فى وقته كان ضعيفاً ولم يحسن التصرف.
■ ما هى أهم أخطائه؟
- كانت له أخطاء بالطبع، وإذا رأيت الأسرة من الداخل فستجد أنه كانت هناك معارضة له ولتصرفاته، فمثلا الأمير يوسف كمال كان من الأعضاء المهمين والمؤثرين جداً فى الأسرة، وكان أغنى أفرادها، أصدر مع عباس حليم وعمر طوسون بياناً هاجموا فيه الملك.
■ هل شملت هذه الخلافات صراعاً حول من الأحق بالحكم داخل العائلة؟
- نعم، وكل نظام له مميزاته وعيوبه، الصراع بين أجنحة العائلة أحد أهم عيوب النظام الملكى، حيث يرى كل فريق أو طرف أنه الأحق بالحكم من الملك الفعلى.
■ كان هذا الصراع الحاد موجوداً داخل الأسرة العلوية؟
- كان الملك فاروق حينها ضائعاً، ويذهب إلى الكباريهات، فخرج من يقول «أنا أحسن منه» وبينهم عباس حليم، والأمير عمر طوسون، ومحمد على توفيق، وآخرون.
■ هل يستحق الملك فاروق بأخطائه هذا المصير من طرد وعزل؟
- دعنا نعد للمبادئ الأساسية، التى وضعتها العائلة فى الحكم، عندما أسس الخديو إسماعيل أول برلمان مصرى كان يريد أن نكون دولة متحضرة ومختلفة، وهذا أزعج الإنجليز جداً لذا ضغطوا بعد ذلك لإغلاقه، وعندما أعاد جدى الخديو عباس افتتاح البرلمان مرة أخرى كان فرحاً جداً، والشعب المصرى عندما خرج أيام الخديو توفيق متظاهراً كان ينادى بالدستور، والأسرة كلها كانت تريد حكماً ملكياً دستورياً، وعندما نفكر فى الملك فاروق لابد أن نرجع لهذه المبادئ.
■ هل تعنى أن الملك فاروق تخلى عنها؟
- نعم تخلى عنها، هو كان قائداً بسيطاً، وآخر أخطائه كان تدخله فى انتخابات نادى الضباط قبل الثورة.
■ هل قابلت الرئيس محمد نجيب بعد الثورة؟
- نعم، جاءنا أولاً عندما كان والدى وصياً على العرش، وأنا وقتها كنت طفلاً صغيراً، ولما توفى والدى جاءنا معزياً وشارك فى الجنازة، وبعد ذلك رددت له الزيارة بعد عزله خلال وجوده تحت الإقامة الجبرية.
■ هل سمحوا لك بزيارته بسهولة؟
- دخلت بكل سهولة رغم وجود حراسة كبيرة جداً عليه، هو كان فى منزل زينب هانم الوكيل فى المرج، وكان يعيش فى غرفة «المكوجى» أعلى السطوح مع ابنه يوسف وحالتهما كانت صعبة جداً.
■ ما طبيعة الحوار الذى دار بينكما؟
- الحوار كان ظريفاً جداً، والظاهر أنه كان أحب والدى بشدة، ولمست هذا من كلامه، وهو لم يكن يعرفه قبل أن يصبح وصياً على العرش، لكنه تعرف به بعد ذلك وكان يتقابلان كثيراً، وأذكر أنه قال لى إن والدى كان رجلاً طيباً وأحبه جداً، وأكد لى نجيب أنه لم يكن راضياً عما حدث من بعده.
■ ماذا كان يقصد؟ رفع الوصاية عن الملك أم مصادرة أموال أسرتك أم ماذا؟
- لم يكن راضياً عن الحكم العسكرى، الذى جاء من بعده، وأكد لى أنه لم يكن يخطط لذلك، وقال إن «الجماعة» ضحكوا عليه.
■ لماذا لم يكتب والدك مذكراته عن فترة الوصاية على العرش، وهل كانت عصيبة أم هادئة؟
- لا، هو لم يكتب عنها ولم يرد أن يكتب.
■ ألم يحك لك عن تلك الفترة وانطباعاته عن الثوار الجدد؟
- فى تلك الفترة كان يذهب الى قصر عابدين كل يوم، وكان يرى أنه «عمل الواجب»، وأعتقد أنه كان يشعر بضرورة الحفاظ على العرش والنظام، لكنه فشل فى ذلك.
■ كيف استقبل قرار إلغاء الملكية والوصاية وإعلان الجمهورية؟
- كان حزيناً جداً بالطبع.
■ بعد ذلك بفترة صودرت أملاككم.. هل حكى لك؟ وهل تذكر أنت تفاصيل تلك الأيام خاصة أن والدك كان فى صدارة العائلة المالكة فى ذلك الوقت؟
- لم يكن فى منصب رفيع طوال الوقت، هو كان ولى العهد أيام والده الخديو عباس، وبعد ذلك خرج إلى المنفى لفترة طويلة ثم استطاع العودة بصعوبة ولم يكن وضعه سهلا، وأصبح وصياً على العرش فى وقت صعب جداً، استمر ٩ أشهر فقط.
■ كان والدك بذرة الأمل الاخيرة للاحتفاظ بعرش الأسرة العلوية.. هل كان يتلقى مساندة من الأسرة وقتها؟
- معظم أفراد الأسرة كانوا يساندونه ولم يكن هناك أحد ضده.
■ عندما صدر قرار إلغاء الوصاية والملكية هل حاول إجراء أى مفاوضات مع الثوار؟
- لم يكن يستطيع أن يقف أمامهم وكان الوحيد الذى يمكنه أن يفعل شيئاً هو محمد نجيب وأنت تعرف وضعه جيداً، والمشكلة أن أبى أيضا كان بعيدا عن الحكم قبل أن يأتى؛ لذا لم يكن مسيساً بما فيه الكفاية، ونحن بصفة عامة عائلة تريد أن يسود نظام دستورى وديمقراطى، وكنا نرفض التدخل فى السياسة.
■ وهذا مالم يلتزم به الملك فاروق وكانت بداية خطاياه ونهايته؟
- نعم هذا ماحدث.. أظن أنها بداية خطاياه وهو تعامل مع الأمور بشكل إنسانى وكان متضايقاً مما يحدث فتدخل وكان يجب عليه ألا يتدخل ويتورط فيما لا يعنيه.
■ هل كان فاسداً؟
- لا.. لا أظن ولا أعتقد أنه كان فاسداً.
■ لكنه تورط ايضا فى شراء أسلحة فاسدة وكانت هناك عمولات ورشاوى؟
- لا ليس هو، ما أعرفه وأنا لست خبيراً أنهم دخلوا حرب ١٩٤٨ وهم غير جاهزين وحاول الكثيرون أن يمدوا يد المساعدة، ومنهم عباس حليم وآخرون شكلوا لجنة وتبرعوا من أموالهم الشخصية لشراء الأسلحة، وكان تسليح الجيش المصرى كله وقتها إنجليزياً، لكن خبرتهم القليلة دفعتهم لشراء أسلحة قديمة والجيش لم يكن مدربا عليها، هم لم يشتروا أسلحة فاسدة لكنهم ربما اشتروا فعلا أسلحة قديمة، وكانت المشكلة أن قرار الحرب تم اتخاذه ولا توجد أسلحة أو ذخيرة لدى الجيش..المشكلة كانت فى القرار نفسه، والملك فاروق لم يكن له دور فى حرب ١٩٤٨ ولم يكن هو صاحب القرار بل رئيس الوزراء.
■ إذا لخصنا الملك فاروق فى كلمة ظالم أو مظلوم ماذا تختار؟
- لم يكن ظالماً، هو لم يرسل أبرياء إلى السجون ولم يكن حتى يستطيع ذلك، هل تعلم أن الملك فاروق عندما اشترى سيارة رسمية جديدة ورفض البرلمان تمويلها، دفع ثمنها هو.
■ بعدما خرج من مصر هل كان هناك من يسأل عليه ويكلمه من الأسرة؟
- أنا رأيته وتقابلت معه لكن مشكلته أنه كان دائماً بعيداً عن الاسرة ويتعمد الابتعاد، وفى المنفى أيضاً كان بعيداً عن الاسرة، لكنه كان يقابل من يأتى إليه.
■ الكثيرون قالوا إنه كان مكروهاً من الأسرة؟
- لا أستطيع أن أقول ذلك.. بشكل واضح أعتقد أن الأمور لم تصل إلى الكراهية لكن كانت هناك معارضة عائلية شديدة له، وهو كان يقابل هذه المعارضة بجفاء وكان لا يكلمهم، وأعطيك مثالاً، فالأمير محمد على توفيق ولى عهده ورئيس البلاط الملكى كان عمه وأكبر العائلة سنا، وكنت أسمع أن الملك فاروق كان يشعر بالضيق عندما تكون هناك مناسبة ويجلس بجواره الأمير محمد على؛ لأنه كان كثيراً ما يؤنبه على تصرفات كان يقوم بها، مثل مجالسة شلة بعضهم كانت سمعته سيئة، وكان الأمير محمد على توفيق يأتى إليه ويحذره.
■ لماذا ابتعد الملك فاروق عن الأسرة هل لمعارضتها له أم خوفا منهم؟
- أكيد كان غاضبا بسبب معارضتها له، وكان خائفا أيضا من أن يكون أحدهم طامعا فى الحكم.
■ وماذا عن ابنه الملك أحمد فؤاد هل قاطع اسرته هو أيضا؟
- للأسف أنا لا أعرفه جيداً.. قابلته أكثر من مرة، لكن لا يمكننى أن أحكم عليه، أسمع أخباره من بعيد لبعيد ولا أعرف تفاصيل حياته جيداً.
■ رغم حالة البعد تلك التى يفرضها الملك أحمد فؤاد حسبما تقول إلا أنك وعددا من أفراد الأسرة اعترضتم على زيجته من الأميرة السابقة فضيلة؟
- لا أعرف تفاصيل كثيرة لكن ما حدث أننا فعلا اعترضنا على هذه الزيجة وكان سبب ذلك أن الأسرة لها قواعد ونظم، كان عندنا البلاط الملكى هو الذى يحكم ويسيطر على القواعد العائلية، والملك فاروق نفسه حذف من العائلة والدته وأخته وكان ذلك بالتأكيد صعباً جداً بالنسبة له، هذا البلاط الملكى له قواعد صارمة للغاية لا يمكن أن يتخطاها أى فرد.
ومن ضمن تلك القواعد أنه لا يجوز لأى فرد من الأسرة أن يتزوج سيدة لم تولد مسلمة، ربما تكون هذه القواعد شديدة بعض الشىء وهى أعنف من الشريعة الإسلامية، ولكن قواعد البروتوكول العائلى تنص على ذلك وسبق أن خرج من الأسرة أفراد لهذا السبب، وعندما يأتى أحمد فؤاد ليخالف قواعد البروتوكول فهذا لا يجوز عندنا فى العائلة، وإذا قلنا إننا فى المنفى وهذه القواعد لا تطبق إذن هو حر، لكن بشرط ألا يجبرنا أن نتعامل معها على أنها الملكة.. هذا لا يجوز وهو أضر نفسه، وأنا لم أرَ هذه السيدة من قبل ولم أسع لرؤيتها.
■ هل كان يجب أن تطبق قواعد البلاط الملكى على الملك أحمد فؤاد ويطرد من العائلة؟
- لا أبدا لأنه لم يعد هناك بلاط، ونحن نتكلم عن نظام لم يعد موجوداً حاليا، ولكن من المفترض أن يكون أساس تعاملاتنا.
■ ألم يحاول أى من أفراد العائلة أن ينصحه؟
- أنا لم أفعل، لكن اعتقد أن بعض أفراد الأسرة كلموه وحاولوا معه.
■ تردد مؤخرا أن هناك ضغوطا عائلية لتغيير محمد على ابن الملك أحمد فؤاد من ولاية العهد بسبب ما يتردد عن عودة والدته لديانتها اليهودية؟
- لا أعلم أى شىء.. أنا ساكن هنا فى القاهرة.
■ لكن هل هناك نية داخل الاسرة لتغيير ولاية العهد اذا صح ذلك ؟
- أرى ان الموضوع من أوله لم يكن مضبوطاً، وكان هناك خطأ من البداية، أنا لا أستطيع أن أتكلم عن آخرين، ولا أعرف هؤلاء الناس، ولكن إذا ابتعدنا عن الأسماء فإن هذا لا يجوز ولا يصح، وعلى العموم نرجع للبلاط ونحتكم إلى قواعده.
■ دعنا نكن واقعيين هناك مطالبات بالفعل داخل الأسرة لتغيير ولاية العهد من محمد على ابن أحمد فؤاد؟
- فعلا فلنكن واقعيين، هل هناك نظام ملكى الآن؟ ولاية عهد لمن؟
■ ولكنكم كأسرة مازلتم متمسكين بمبادئ العائلة، ورشحتم أربعة لخلافة محمد على فى ولاية العهد منهم داوود ابنك؟
- المهم أننا فى وضع مختلف تماماً الآن، فلا وجود للحكم ولا وجود للبلاط.
■ هل تعتقد أن الملك فاروق ظلم أسرته بابتعاده وإبعاد أبنائه عنهم؟
- لم يظلم أسرته، لكنه خسر الكثير بابتعاده عنهم خاصة أنه كان من بينهم من يمكن أن يتعلم منهم.
المتحدث بأسم الامير احمد فؤاد يعلن انه يتلقى اعانات من السعوديين http://elakhbar.akhbarway.com/news.asp?c=2&id=42461
ردحذف